عقدت دائرة العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم مؤتمرها السنوي تحت رعاية وزارة الصحة الفلسطينية،  بعنوان “واقع ومستقبل علم النفس في فلسطين”، وذلك يوم الثلاثاء 27 اذار 2018.   حضر المؤتمر  ممثلين عن الجامعات المختلفة والمؤسسات غير الحكومية والوزارات العاملين في مجال علم النفس والصحة النفسية . الإضافة الى ممثلين عن ادارة جامعة بيت لحم وممثل عن مؤسسة النداء الفلسطيني الموحد الداعم الرئيس للمؤتمر هذا العام.

وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر رحب الدكتور بلال سلامة بالحضور بكلمة مقتضبة قدم فيها للمؤتمر، وقال ان ما يميز المؤتمر هو يجمع مشاركين من كل فلسطين بما فيها فلسطيني الداخل

تلاه الأخ الدكتور بيتر براي، نائب الرئيس الأعلى لجامعة بيت لحم.  وتحدث براي عن تأثير العامل النفسي على الطلاب وخصوصا وجود الاحتلال والحواجز التي تواجه الطلبة في طريقهم الى الجامعة، مما يدخل الشك في نفوس الطلاب حول كيفية سير يومهم، الامر الذي يؤدي الى عدم استقرار نفسي بدرجات متفاوتة. وقال براي ان الجامعة تركز في هذا المجال على نواح ثلاث رئيسية وهي توفير جو آمن للطلبة داخل الحرم الجامعي وخلق شعور حقيقي عند الطلبة ان هناك من يوليهم الاهتمام اللازم واضفاء جو من الطمأنينة للطلبة بحيث يمكن لجميع الطلبة التيقن من سير برنامجهم الدراسي وسير حياتهم الجامعية مما يخفف من الاثار الجانبية التي يتعرض لها الطلبة بشكل عام. وفي ختام حديثه شكر براي مؤسسة النداء الفلسطيني الموحد على دعمهم لهذا المؤتمر، متمنياً التوفيق للجميع.

ثم تحدثت عميدة كلية الآداب الاستاذة هنادي يونان عن ضرورة اعداد جيل يتمتع بصحة نفسية جيدة، خاصة في هذا الوضع الصعب الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال، مؤكدة على أهمية رفع الوعي في هذا المجال، منوهة الى ان موضوع الصحة النفسية مهملة بشكل عام في فلسطين.

اما رئيسة دائرة العلوم الاجتماعية الدكتورة فردوس عبد ربه العيسى، فقد قدمت الشكر للجنة العلمية التحضيرية للمؤتمر على مساهمتهم الفاعلة في انجاح هذا المؤتمر.  وقالت ان هذا المؤتمر يأتي ضمن سياقات اجتماعية وفكرية وتاريخية متغيرة ومتشابكة في القرن الواحد والعشرين، ليسلط الضوء على واقع علم النفس في السياق الاستعماري، وما تفرضه هذه الحالة من ثمن نفسي واجتماعي واقتصادي.  واضافت العيسى ان هذا المؤتمر اعطى اهتماماً خاصاً لطرح رؤية نقدية علمية لنظريات علم النفس وتطبيقاتها الاكلينيكية او البحثية.

واكدت العيسى على انه من المهم تشارك الافكار والابحاث ونتشاور ونستخلص العبر مما قد يشكل نموذجا للطلبة ويفتح افاقاً لأفكار ومواضيع بحثية مستقبلية.

وبدوره اكد حنا رباح، مدير البرامج في مؤسسة النداء الفلسطيني الموحد، على عمق الشراكة التي تربط المؤسسة بجامعة بيت لحم، حيث لا تقتصر العلاقة مع الجامعة على دعم هذا المؤتمر، بل توفر المؤسسة منحاً دراسية لطلبة جامعة بيت لحم ايضاً.

وقال رباح ان مؤسسة النداء الفلسطيني الموحد هي أقدم مؤسسة فلسطينية تعمل في أمريكا لخدمة الشعب الفلسطيني، وتتوزع برامجها حاليا في أربع محاور رئيسية هي، الصحة والرفاه، التعليم، التنمية المجتمعية والاقتصادية والتواصل مع العالم.

ومن جهته قال الدكتور عصام بنورة مدير مستشفى الدكتور كمال سعيد للطب النفسي في بيت لحم نيابة عن وزارة الصحة الفلسطينية ان الاستعمار لفترة طويلة قد خلق واقع نفسي أثر على الفرد والمجتمع وفرض نتائج سياسية واقتصادية واجتماعية تستحق الدراسة والبحث.  وقال د. بنورة ان موضوع هذا المؤتمر هام جداً حيث ان هناك حاجة ماسة لفهم أعمق للاضطرابات النفسية والقضايا السلوكية الناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي.

واشاد بنورة بالعلاقة التي تربط وزارة الصحة الفلسطينية وجامعة بيت لحم، حيث تستقبل الوزارة سنويا عدداً كبيراً من طلبة كلية التمريض والعلوم الصحية بالإضافة الى طلبة العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية، اما للعمل او للتدريب في مستشفياتها ومرافقها المختلفة.

وفي الجلسة الأولى تحدث الأستاذ الدكتور مروان دويري المحاضر في قسم الدراسات العليا في كلية اورانيم الاكاديمية حول التوجهين الاختزالي والمنظومي في علم النفس، تلاه الدكتور ياسر أبو جامع الذي تناول موضوعة سياسة تحويل المهام، حيث ادارت الجلسة الاستاذة نبيلة الدقاق المحاضرة في جامعة بيت لحم.

وقد تناول المؤتمر ثلاث محاور رئيسية وهي علم النفس في السياق الفلسطيني، والمشكلات والاضطرابات النفسية في فلسطين والخدمات النفسية والتوعية المجتمعية.

وفي المحور الأول الخاص بعلم النفس في السياق الفلسطيني، فقد تحدثت د. صابرين رسو عن تجربة الأطفال الفلسطينيين في مواجهة الأحداث المؤلمة المتقطعة، حيث قدمت دراسة استكشافية حول هذه الظاهرة، كما تحدث د. فردوس عبد ربه العيسى عن السلطة والجسد بالتحديد فيما يخص زيارة النساء الى السجون الاسرائيلية.  وبدورهم تحدث كل من د. سعيد شحادة و د. لينا معاري حول اعادة مفهمة المنعة- الجلد- الصلابة النفسية في السياق الفلسطيني حيث أدارت هذه الجلسة الدكتورة عبير مصلح المحاضرة في جامعة بيت لحم ومنسقة برنامج الماجستير في الخدمة الاجتماعية.

أما المحور الثاني الذي تناول المشكلات والاضرابات النفسية في فلسطين فقد تم نقاشه من خلال اربع مداخلات.  فقد قدم ا. حسن العبسي المتخصص في الارشاد النفسي و أ. أيمن الزاملي المتخصص في علم النفس واللذان تحدثا عن الضغوطات النفسية لدى العاملين في العيادات النفسية وعلاقتها بالدافعية، بينما تحدث الاستاذ عيسى طقاطقة المرشد التربوي في مدرسة ذكور الخضر الثانوية عن الاثار النفسية والتعليمية الناتجة عن الانتهاكات الاسرائيلية من وجهة نظر طلاب مدرسته.  وبدورهم تحدث الدكتور فتحي فليفل، رئيس جمعية الهلال الأحمر والاستاذة ليلى العطشان حول الدراما النفسية ودورها في التعافي، حيث قدما فيلم اصطياد الأشباح للمخرج رائد أنضوني كنموذج.

وفي ختام جلسة المحور التي أدارها كل من الدكتورة ناهدة العرجا والدكتور خضر مصلح، تحدثت الدكتورة كفاح مناصرة، المحاضرة في جامعة القدس عن تأثير العوامل الاجتماعية الثقافية والنفسية والاقتصادية على ارتكاب الجريمة لدى النساء الفلسطينيات حيث عرضت وجهة نظر بعض النزيلات من مراكز الاصلاح.

اما المحور الثالث والأخير الذي تناول موضوع الخدمات النفسية والتوعية المجتمعية فقد تحدث في بداية جلسته أ. اسماعيل أبو زيادة والدكتور حنا رشماوي من جمعية الاغاثة الطبية الفلسطينية عن اتجاهات العاملين في البيوت الامنة، بينما قدم أ. عبد الفتاح الهمص من الجامعة الاسلامية و أ. زياد الجرباوي من جامعة القدس دراسة نقدية تحليلية لدرجة تقبل مدراء المرحلة الاساسية العليا لخدمات الارشاد النفسي في مدارسهم.

ثم قدم الاستاذ يوسف ابو مخو من وزارة التنمية الاجتماعية مداخلة حول تجربة وزارة التنمية الاجتماعية في دمج الشباب وتحدثت الاستاذة خولة الأزرق حول تجربة مركز المرأة في التمكين الاقتصادي للنساء المهمشات.  وقد ادارت الجلسة الأستاذة مينيرفا جرايسة قسيس.

واختتم المؤتمر بمناقشات ومداخلات ادارها كل من الدكتور أحمد الفسفوس والاستاذ وسام رفيدي المحاضرين في دائرة العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم.