اختتمت يوم الخميس 24 نيسان 2025 أعمال منتدى الخدمة الاجتماعية النقدية في فلسطين، الذي نظمته دائرة العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم بالشراكة مع المجلس العربي للعلوم الاجتماعية-نقطة تواصل المجلس العربي – فلسطين، تحت عنوان: “من أجل مجتمع مقاوم مدعّم بشبكة أمان اجتماعية وتحررية”، وذلك على مدار يومين في مدينة بيت لحم في حرم جامعة بيت لحم ، وبالتزامن مع فعاليات موازية في مدينة غزة استضافتها شبكة المنظمات الأهلية PNGO، بمشاركة واسعة من أكاديميين، وباحثين، وممارسين اجتماعيين، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني وبدعم من أطباء العالم سويسرا ومن Stichting Benevolentia من خلال مشروع “بناء القدرات من أجل مستقبل مستدام” بإدارة معهد الشراكة المجتمعية جامعة بيت لحم.
استُهل المنتدى الذي استمر على مدى يومي يوم الأربعاء والخميس 23 و24 نيسان بكلمات ترحيبية من الأستاذة إيمان السقا، نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية في جامعة بيت لحم التي رحبت بالحضور بشكل رسمي مستعرضة أهم مواضيع الملخصات المقدمة في المنتدى، والأستاذة أيلين كتاب ممثلة عن المجلس العربي للعلوم الاجتماعية- -نقطة تواصل فلسطين، حيث أكدت على أهمية النقد والتحليل في العمل الاجتماعي كأداة لمقاومة الظلم وبناء شبكات حماية مجتمعية قائمة على التحرر والعدالة خاصة الوقت الحالي، إضافة للتأكيد على ضرورة موضعة الخدمة الاجتماعية الفلسطينية بالمعرفة النظرية الفلسطينية والعربية وذلك من خلال البحث والتأطير للممارسة في السياق الفلسطيني.
قدّمت المتحدثة الرئيسية لليوم الأول، البروفيسورة نادرة شلهوب – كيفوركيان، أستاذة القانون والعلوم الاجتماعية في جامعة كوين ماري – لندن، مداخلة بعنوان: “قراءة في الأشلاء وإنتاج الحياة في عمل الأخصائيين الاجتماعيين”، تناولت فيها كيفية العمل على طرح تدخلات نقدية منتجة للحياة خلال الإبادة، وكيف يمكمن أن نصوغ عملا اجتماعيا موطنا يتعامل مع الاشلاء الجسدية، والمجتمعية، والجغرافية والنفسية من خلال التعلم من تجربة أهلنا في غزة في قوة رفض الإماتة. ومن هنا تأتي المسؤولية الأخلاقية للاخصائيين الاجتماعيين لنعيد تصويب أخلاقيات الحياة لفتح المجال لبناء مستقبلي كريم. تلاها تعقيب من الدكتور إياد الكرنز من غزة، أضاء فيه على السياقات العملية والتحديات الميدانية التي يواجهها الأخصائيون الاجتماعيون، خاصة في ظل حرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول 2023.
وتوزعت أعمال اليوم الأول على أربع جلسات متوازية شملت محاور: “الخدمة الاجتماعية مدخلًا للمقاومة والمواجهة” بإدارة فراس جابر، و”تجربة مؤسسة تامر في الحماية المجتمعية مع الأطفال في فلسطين” بإدارة هالة اليمني، إلى جانب جلسة بعنوان “العمل الاجتماعي كأداة صمود وتحرر: العاملون الميدانيون في مجال الإعاقة خلال الحرب” بإدارة كفاح أبو غوش، وأخرى حول “دور المؤسسات القاعدية في ظل حرب الإبادة المستمرة في فلسطين” أدارها رامي مسعد. حيث استعرضت الجلسات تجارب مباشرة من الميدان من غزة وشمال الضفة الغربية في التعامل مع العنف الاستعماري في اماتة وتفتيت المجتمع الفلسطيني.
في اليوم الثاني، الخميس 24 نيسان، افتتحت الجلسات بكلمة رئيسة قدّمتها البروفيسورة ستيفاني وهاب، أستاذة الخدمة الاجتماعية في جامعة بورتلاند في الولايات المتحدة الأمريكية، بعنوان “ممارسة فلسطينية للخدمة الاجتماعية”، تناولت فيها أهمية الدور الحاسم الذي يلعبه الاخصائيون الاجتماعيون في فلسطين في ظل ظروف الحرب والعدوان، وتحدثت عن تواطؤ المجتمع الدولي وبعض منظمات الخدمة الاجتماعية الغربية مع المشروع الصهيوني، ومحاولات إسكات الأصوات المدافعة عن فلسطين داخل المؤسسات الأكاديمية وفي أوساط الخدمة الاجتماعية في الولايات المتحدة. كما انتقدت محاولات وضع معاناة الفلسطينيين في نفس كفة مع معاناة الإسرائيليين في الخطاب السائد داخل بعض المؤسسات الغربي، واقترحت استنادا إلى التجربة الفلسطينية توجها لفلسطنة الخدمة الاجتماعية والذي يركز على خدمة اجتماعية رافضة العنف الاستعماري معتمدى على السردية الفلسطينية ومفاهيم الصمود والرفض وبناء الحياة.
تلا ذلك عرض ومناقشة لفيلم “ذبذبات من غزة” للمخرجة الفلسطينية رحاب نزال، والذي سلط الضوء على الأطفال الصم في غزة وكيف يعيشون الحرب. يركز الفيلم على الجانب الحسي في المعرفة وينقلنا لنفهم تجربة الاطفال الصم من خلالهم، كما يركز على اهمية الصوت والفنون في نقل السردية.
توزعت الجلسات المتخصصة في اليوم الثاني على ثلاثة محاور أساسية: جلسة “العمل الاجتماعي من الميدان: آليات الصمود” بإدارة محمد بريغيث والتي ناقشت أهمية الدعم الجمعي، ودور التطوع، وتحديات العاملين في الصحة النفسية، وتجربة توليد المعنى في مسيرة التداوي الجمعي. بالتوازي، عُقدت جلسة “تجارب من الميدان” بإدارة منيرفا جرايسة، تناولت تجربة مركز الإرشاد النفسي والاجتماعي للمرأة، والرعاية الصحية الأولية في المناطق المهمشة، والرعاية الذاتية لمقدمي الخدمات. كما خُصصت جلسة بعنوان “المعرفة المتجاوزة للأطر المعرفية التقليدية” بإدارة رزان قرعان، عرضت فيها خمس أوراق حول السرد الفلسطيني، وتطبيقات فريري والينسكي في التدخلات الجمعية، ومفاهيم الرفاه من منظور الأطفال، وتجربة التضامن الفلسطيني الأميركي، وأطر الأمل في بناء الصمود.
اختتم المنتدى بجلسة ختامية بعنوان “النظر للأمام فلسطينياً” قدّمها كل من عبير مصلح وفراس جابر، أكدا فيها على ضرورة المضي قدمًا في بناء ممارسة اجتماعية فلسطينية تحررية، قاعدية، وناقدة، تعيد الاعتبار للعامل الاجتماعي كفاعل مركزي في معركة التحرر والصمود وإعادة بناء النسيج الاجتماعي الفلسطيني. وتم استعراض أهم توصيات المؤتمر ومن أهمها : الحاجة إلى تطوير معرفة وأطر معرفية تعالج الممارسات الفلسطينية وتعالج السياق الفلسطيني، تطوير منا هج الخدمة الاجتماعية في الجامعات الفلسطينية لتتضمن الممارسة النقدية للخدمة الاجتماعية وتكثيف العمل مع الجامعات لإثراء البرامج المختلفة ، تعزيز وتطوير مساحات الشراكة بين المؤسسات الممارسة للخدمة الاجتماعية والجامعات .
وانطلاقا من هذه التوصيات تم الاعلان عن إطلاق مشغل فكري للخدمة الاجتماعية النقدية بحيث يشكل مكانا للتفكير والكتابة والتأطير بين كافة الفاعلين في هذا الحقل.